ارتفعت الأسهم الآسيوية مقتفية أثر المكاسب في وول ستريت، حيث عززت البيانات التي أظهرت أن الاقتصاد الأميركي نما بأسرع وتيرة له في عامين، التوقعات بشأن أرباح الشركات. وتراجع الدولار ليحوم قرب مستويات شوهدت آخر مرة في سبتمبر.
واصل المؤشر الإقليمي لأسهم آسيا والمحيط الهادئ التابع لـإم إس سي آي مكاسبه لليوم الرابع، مرتفعاً بنسبة 0.2%، مع تصدر أسهم التكنولوجيا المكاسب. وتراجعت الأسهم الأسترالية بشكل طفيف في جلسة تداول قصيرة. وجاء ذلك بعدما ارتفع مؤشر إس آند بي 500 لليوم الرابع، مع صعود مؤشر لأسهم شركات التكنولوجيا الكبرى بنحو 1% تقريباً وسط أحجام تداول منخفضة قبيل عطلة عيد الميلاد.
كانت التحركات أكثر وضوحاً في سوق السلع، إذ قفز الذهب إلى مستوى قياسي تجاوز 4500 دولار للأونصة قبل أن يتراجع قليلاً. وتعززت جاذبية الذهب كملاذ آمن مؤخراً بفعل حصار واشنطن لناقلات نفط مرتبطة بفنزويلا. كما بلغت أسعار البلاتين والفضة مستويات قياسية، في حين تجاوز النحاس 12 ألف دولار للطن للمرة الأولى.
شهية المخاطرة قوية قبل نهاية العام
ظلت شهية المخاطرة قوية مع اقتراب نهاية العام، مع استمرار الطلب على أسهم التكنولوجيا، حتى مع قيام بيانات النمو القوي في الولايات المتحدة بتقليص الرهانات على تيسير وشيك من جانب الاحتياطي الفيدرالي. وبعد مخاوف سابقة بشأن التقييمات المرتفعة والمليارات التي تتدفق إلى الذكاء الاصطناعي، يستعيد المتداولون الثقة في أن الشركات ستحقق نمواً قوياً في الأرباح خلال 2026.
وقال بريت كينويل من إيتورو: إذا ظل المستهلكون صامدين خلال موسم العطلات والربع الرابع، فإن ذلك سيكون مؤشراً إيجابياً للناتج المحلي الإجمالي الأميركي وأرباح الشركات. وأضاف أن الأرباح واصلت تجاوز التوقعات، ويأمل المتفائلون أن يستمر هذا الاتجاه في 2026.
توسع الناتج المحلي الإجمالي الأميركي المعدل حسب التضخم في الربع الثالث بوتيرة سنوية بلغت 4.3%، وهي أعلى من جميع التقديرات باستثناء واحد في استطلاع أجرته بلومبرغ.
حافظ الاقتصاد على زخمه حتى منتصف العام مع استمرار قوة إنفاق المستهلكين، ومع التراجع عن أشد الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وفي حين يُتوقع أن يؤثر إغلاق الحكومة الأميركية في أكتوبر ونوفمبر سلباً على نمو الربع الرابع، يتوقع الاقتصاديون انتعاشاً متواضعاً في 2026.
العملات والسندات والسياسة النقدية
وكان الاهتمام في آسيا مُركزاً أيضاً على سوق العملات. وواصل اليوان مكاسبه، مقترباً من مستوى 7 يوان للدولار، بعد أن حدد بنك الشعب الصيني سعر صرف أقوى. وارتفع الين لليوم الثالث، حيث ظل المتداولون يراقبون إشارات على تدخل حكومي بعد تحذير طوكيو من التحركات المفرطة.
وتعززت قيمة الوون الكوري الجنوبي بعد أن حذرت السلطات من الضعف المفرط في العملة. يأتي تصاعد حدة التصريحات في الوقت الذي اقتربت فيه العملة من مستوى 1500 لكل دولار، وهو مستوى ذو أهمية نفسية كبيرة، ولم يتم تجاوزه إلا خلال الأزمة المالية العالمية وأزمة العملات الآسيوية عام 1997.
وبشكل منفصل، أعلن البنك المركزي الهندي إجراءات جديدة تهدف إلى تعزيز السيولة المصرفية عبر شراء السندات الحكومية وإجراء مقايضات للعملات الأجنبية لدعم الروبية الضعيفة، التي برزت كأضعف عملة أداءً في آسيا هذا العام.
استقرت سندات الخزانة الأميركية يوم الأربعاء، في حين واصل مؤشر بلومبرغ للدولار تراجعه لليوم الثالث. ويتجه الدولار إلى تسجيل أسوأ أداء سنوي له في ثماني سنوات، فيما تشير سوق الخيارات إلى أن المتداولين يستعدون لمزيد من الهبوط في الجلسات الأخيرة من 2025 وما بعدها.
تاريخياً، كان اليوم الذي يلي عيد الميلاد الأكثر إيجابية بشكل ثابت للأسهم، وفقاً لمجموعة بيسبوك إنفستمنت. ففي 39 عاماً منذ 1953 عندما كانت الأسواق مفتوحة في 26 ديسمبر، لم ينخفض مؤشر إس آند بي 500 سوى ست مرات.
وقال كيران كالدر، رئيس أبحاث الأسهم في يو بي بي، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ: نحن مهيأون لموجة صعود نهاية العام، مضيفاً أن السوق تتعامل بإيجابية مع بعض البيانات.
ترمب يتوقع من رئيس الفيدرالي المقبل خفض الفائدة
في الوقت نفسه، قال ترمب إنه يتوقع من رئيس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة إذا كان أداء السوق جيداً، في أحدث إشارة إلى رغبة الرئيس في تعيين مرشح ملتزم بخفض تكاليف الاقتراض مع اقترابه من إعلان اختياره لخلافة جيروم باول.
وفي سياق آخر، أيد وزير الخزانة سكوت بيسنت فكرة إعادة النظر في هدف التضخم البالغ 2% للاحتياطي الفيدرالي، وذلك بعد أن تنجح الولايات المتحدة في خفض وتيرة ارتفاع الأسعار بشكل مستدام إلى هذا المستوى.
ترى أسواق المال احتمالًا يقل عن 20% لخفض الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي في يناير.
وقال إريك تيل من كوميريكا لإدارة الثروات إن الاقتصاد يُظهر سيناريو معتدلاً، مع نمو اقتصادي أميركي يفوق الإمكانات، وتراجع التضخم مع بقائه مرتفعاً، وسوق عمل أقل قوة.
وأضاف: من المرجح أن يحافظ الاحتياطي الفيدرالي على ميل تيسيري، وهو ما قد يزداد مع تعيين رئيس جديد للفيدرالي العام المقبل.