ارتفعت أسعار الفضة إلى مستوى قياسي متجاوزةً مستوى 80 دولاراً للأونصة، مواصلة صعودها السريع بنهاية العام،بدعم من عمليات تداول بغرض المضاربة، واستمرار الاختلالات الهيكلية بين العرض والطلب.
صعد سعر المعدن الأبيض بما يصل إلى 6% يوم الإثنين، في جلسة متقلبة قفز فيها إلى مستوى 84 دولاراً للأونصة في ساعة مبكرة من الإثنين، ثم انخفض إلى أقل من سعر الإغلاق السابق، قبل أن يتعافى.
وساهم ضعف الدولار وتصاعد التوترات الجيوسياسية في تعزيز جاذبية المعادن النفيسة خلال موجة ارتفاع في نهاية العام، التي أوصلت أسعار الفضة والذهب والبلاتين إلى مستويات قياسية.
وقال توني سايكامور، محلل الأسواق لدى آي جي أستراليا: لا مجال للخطأ، نحن نشهد فقاعة تاريخية تتشكل في سوق الفضة.
ارتفاع بسبب تخفيضات الفائدة ومشتريات البنوك المركزية
يُتوّج التسارع السريع في أسعار الفضة موجة صعود استمرت عاماً كاملاً للمعادن النفيسة، مدفوعة بارتفاع مشتريات البنوك المركزية، وتدفقات الأموال إلى الصناديق المتداولة في البورصة، وثلاثة تخفيضات متتالية لأسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
وتُعد تكاليف الاقتراض المنخفضة عاملاً داعماً لهذه السلع التي لا تدر عائداً، في حين يراهن المتعاملون على مزيد من خفض أسعار الفائدة في عام 2026.
التوترات الجيوسياسية تدعم الأسعار
وخلال الأسبوع الماضي، عززت التوترات في فنزويلا، حيث فرضت الولايات المتحدة حصاراً على ناقلات نفط، إضافة إلى ضربات شنتها واشنطن على تنظيم داعش في نيجيريا، جاذبية المعادن النفيسة كملاذ آمن.
كما انخفض مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري، وهو مقياس رئيسي لقوة العملة الأميركية، بنسبة 0.8% الأسبوع الماضي، مسجلاً أكبر تراجع أسبوعي منذ يونيو. وعادة ما يدعم ضعف الدولار أسعار الذهب والفضة.
اختلالات هيكلية في سوق الفضة
تتفوق الفضة على الذهب لعدة أسباب، من بينها أن السوق أقل عمقاً. فالمخزونات المحدودة والسيولة التي قد تتبخر سريعاً تشكل عاملاً ضاغطاً، في حين تستند سوق الذهب في لندن إلى نحو 700 مليار دولار من السبائك التي يمكن إقراضها في حال حدوث أزمة سيولة، وهو ما لا يتوافر في سوق الفضة. وقد حدثت أزمة العرض التاريخية هذه في أكتوبر.
وقال سايكامور: المحرك الرئيسي في الآونة الأخيرة يتمثل في اختلال هيكلي حاد بين العرض والطلب في سوق الفضة، ما أشعل سباقاً للحصول على المعدن الفعلي. وأضاف: يدفع المشترون حالياً علاوة لافتة تبلغ 7% للتسليم الفوري مقارنة بالانتظار لمدة عام.
نقص المخزونات والتحقيقات الأميركية
وشهدت الخزائن في لندن تدفقات كبيرة منذ أزمة أكتوبر، غير أن ذلك أدى إلى نقص في أماكن أخرى. ففي الصين، تراجعت كميات الفضة المخزنة في مستودعات مرتبطة بـبورصة شنغهاي للعقود الآجلة الشهر الماضي إلى أدنى مستوى منذ عام 2015.
ويُضاف إلى ذلك أن جزءاً كبيراً من الفضة المتاحة عالمياً لا يزال في نيويورك، في ظل ترقب المتعاملين نتائج تحقيق تجريه وزارة التجارة الأميركية حول ما إذا كانت واردات المعادن الحيوية تشكل خطراً على الأمن القومي. وقد يمهد هذا التحقيق الطريق لفرض رسوم جمركية أو قيود تجارية أخرى على المعدن.
استخدامات صناعية ومخاطر مستقبلية
على عكس الذهب، تمتلك الفضة خصائص عملية واسعة الاستخدام تجعلها مكوناً أساسياً في منتجات عدة، مثل الألواح الشمسية، ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، والإلكترونيات.
ومع اقتراب المخزونات من أدنى مستوياتها على الإطلاق، تبرز مخاطر حدوث نقص في الإمدادات قد يؤثر على صناعات متعددة.
ودفع ذلك إيلون ماسك إلى التعليق يوم السبت على سلسلة تغريدات تناولت نقص الإمدادات، إذ قال عبر منصة إكس: هذا ليس جيداً. الفضة مطلوبة في العديد من العمليات الصناعية.
مؤشرات فنية وتحركات الأسعار
تشير المؤشرات الفنية إلى أن موجة الصعود في الفضة قد تكون سريعة ومبالغاً فيها. إذ أظهر مؤشر القوة النسبية للفضة على مدى 14 يوماً قراءة قاربت 80 نقطة، وهو مستوى يتجاوز بكثير عتبة 70 التي تُعد إشارة إلى تشبع الشراء.
وارتفعت الفضة الفورية 1.2% لتبلغ 80.24 دولاراً للأونصة في منتصف النهار بتوقيت سنعافورة، بعد أن بلغت مستوى قياسياً عند 84.01 دولار في وقت سابق من الجلسة.
في المقابل، تراجع الذهب بنسبة 0.4% إلى 4515.20 دولار للأونصة، دون المستوى القياسي البالغ 4549.92 دولاراً الذي سُجل يوم الجمعة. كما تراجعت أسعار البلاتين، وانخفض البلاديوم بأكثر من 6%، بعد أن بلغ المعدنان مستويات قياسية في الجلسة السابقة.