شهدت العملات الرقمية خلال تعاملات يوم الاثنين، انتعاشًا ملحوظًا، إذ ارتفع سعر بيتكوين إلى أكثر من 101 ألف دولار، بعد موجة من التقلبات الحادة تأثرت بتصاعد التوترات الجيوسياسية.

وفي الوقت نفسه، أظهرت بيانات شركة غلاسنود (Glassnode) أن السعر المُحقَّق لحاملي بيتكوين على المدى القصير (Short-Term Holder Realized Price - STH RP) يبلغ حاليًا 98,200 دولار، ويمثل هذا المتوسط السعري الذي تم اقتناء عملات البيتكوين به على السلسلة لحسابات لم تحتفظ بالعملات لأكثر من 155 يومًا، باستثناء العملات الموجودة في احتياطيات منصات التداول.

ويُعد هذا المؤشر أداة مهمة للتمييز بين المستثمرين على المدى القصير والطويل، كما يُوفر رؤى معمقة حول معنويات السوق، لا سيما أن العملات التي تم تحريكها مؤخرًا تكون إحصائيًا أكثر عرضة للإنفاق والتصرف، وبالتالي أكثر حساسية لتقلبات الأسعار.

الاتجاهات التاريخية: ما فوق السعر المحقق إشارة صعودية

السعر المُحقَّق يشير إلى متوسط سعر الاقتناء لجميع المعروض المتداول من البيتكوين، بناءً على آخر مرة تم فيها تحريك كل وحدة على السلسلة. أما السعر المُحقَّق لحاملي بيتكوين على المدى القصير فيركّز على العملات التي تم تحريكها مؤخرًا، مما يعكس السلوك الديناميكي للمستثمرين النشطين.

تاريخيًا، عندما يتداول البيتكوين فوق هذا المستوى، يكون ذلك مؤشرًا على توجه صعودي. أما التراجع دونه، فيُعد إشارة على فترات تصحيح أو تذبذب. فعلى سبيل المثال، بين يونيو وأكتوبر 2024، قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، بقي البيتكوين دون مستوى 62,000 دولار وهو السعر المحقق آنذاك. وكذلك في الفترة من فبراير إلى أبريل 2025، هبط السعر مجددًا دون 92,000 دولار، موازيًا لمستوى STH RP حينها.

حالياً، ارتفع البيتكوين مجددًا وتجاوز حاجز 100,000 دولار، ويتداول بالقرب من 101,000 دولار، ما يشير إلى احتمال استمرار الزخم الصعودي بشرط بقاء السعر فوق 98,200 دولار.

ارتدادات في السوق بعد موجة تصفيات حادة

تعرض سوق العملات الرقمية لهزة كبيرة في عطلة نهاية الأسبوع بعد تصعيد التوتر بين إسرائيل وإيران، إلى جانب تنامي المخاوف من تدخل أميركي مباشر. ومع إغلاق الأسواق التقليدية، اضطر المستثمرون إلى بيع أصولهم السائلة، بما في ذلك البيتكوين، ليس بدافع الرغبة وإنما بسبب الضرورة.

في هذا السياق، شهدت الأسواق تصفيات قسرية ضخمة بقيمة 642 مليون دولار خلال 24 ساعة، أضيفت إلى 595 مليون دولار تم تصفيتها يوم السبت، ليصل إجمالي التصفيات خلال يومين إلى أكثر من 1.2 مليار دولار.

ويُقصد بالتصفيات (liquidations) إغلاق قسري لمراكز مالية ذات رافعة بسبب عدم قدرة المتداولين على تغطية متطلبات الهامش، ما يؤدي غالبًا إلى تقلبات سعرية حادة ويشير إلى بلوغ السوق ذروة في أحد الاتجاهين.

وقد بدأت عمليات البيع المكثفة بعد إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تنفيذ ضربات منسقة على مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية. إلا أن الأسواق بدأت في التعافي مع بداية الأسبوع، حيث ارتفع البيتكوين إلى 101,237 دولار، والإيثيريوم إلى حوالي 2,236 دولار، وسولانا إلى 133 دولار، بينما ارتفعت XRP إلى ما فوق 2 دولار، واستقر دوجكوين عند حوالي 15 سنتًا.

الأسواق البديلة تُظهر مرونة ملحوظة

على الرغم من أن معظم التركيز كان على تقلبات بيتكوين، إلا أن العديد من العملات البديلة (Altcoins) أظهرت علامات قوة متباينة.

وقال يوجين تشيونغ، المدير التجاري في منصة OSL، عبر رسالة على تيليغرام: الإيثيريوم لا يزال يجذب اهتمام المؤسسات بدعم من تدفقات صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، بينما تستفيد سولانا وغيرها من رموز الطبقة الأولى من نشاط شبكي متزايد وتبني المطورين وتكهنات بموافقات تنظيمية.

ويرى البعض أن تعافي السوق السريع يعكس قناعة أوسع بأن التداعيات الجيوسياسية ستظل محصورة جغرافيًا ولن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.

وقال نيك روك، مدير الأبحاث في LVRG Research: نتوقع أن تلجأ إيران إلى بعض الخطوات الانتقامية للحفاظ على شرعية النظام داخليًا، لكنها ستكون محدودة لتجنب الانزلاق نحو صراع طويل الأمد يضم أطرافًا إقليمية ودولية.

مخاطر قائمة ولكن الاتجاه العام صعودي

رغم أن المؤشرات الفنية تدعم الارتداد، إلا أن المخاطر لا تزال قائمة، حيث حذرت واشنطن من ردود عسكرية أوسع بكثير في حال نفذت إيران أي خطوات انتقامية. وأي اضطراب في حركة النفط عبر مضيق هرمز قد يؤدي إلى هزات واسعة في الأسواق.

ومع ذلك، يشير تسارع التعافي في سوق العملات الرقمية إلى أن الاتجاه العام لا يزال صعوديًا على المدى الطويل، وأن التصفيات الأخيرة قد تُشكل فرصة دخول جذابة للمستثمرين.

ختامًا، تشير مؤشرات الهيكلة الفنية والسلوك المؤسسي إلى أن سوق العملات الرقمية، ورغم الهشاشة الظرفية، يتمتع بقدرة على التكيف السريع واستعادة الزخم، مما يعزز من جدوى تتبع مؤشرات مثل STH RP كأداة لقراءة المزاج العام للأسواق.