قام متداولو البيتكوين والإيثريوم (ETH) بجني الأرباح خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية بعدما وصلت الأصول إلى مستويات قياسية، في وقت زادت فيه الضغوط على العملات الرقمية الكبرى نتيجة الرياح الاقتصادية المعاكسة وتراكم المديونيات في السوق.
تراجع سعر البيتكوين إلى 113,500 دولار، منخفضًا بأكثر من 1.5% خلال اليوم الأربعاء، بعد أن كسر مستويات دعم أساسية لطالما عززت موجة صعوده الأخيرة. وحذر بعض المحللين من هشاشة هيكل السوق الحالي.
وفي سياق متصل، اقترحت المسؤولة الرقابية الأولى في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يوم الثلاثاء أن يُسمح لموظفي البنك المركزي بامتلاك كميات صغيرة من منتجات العملات الرقمية، مؤكدة أن هذه التجربة العملية ستساعدهم على فهم أفضل للأسواق التي يراقبونها.
موقف الفيدرالي الأميركي من الكريبتو
قالت ميشيل بومان، نائبة رئيس الفيدرالي للإشراف، إن تخفيف القيود على استثمارات الموظفين قد يساعد أيضًا في جذب الكفاءات والحفاظ عليها، مشيرة إلى أن الملكية البسيطة للعملات المشفرة ستمنح الموظفين خبرة عملية حقيقية. وأضافت: لا يمكن أن أثق في شخص يُعلّمني التزلج إن لم يسبق له ارتداء الزلاجات حتى لو قرأ أو كتب مئات المقالات عنها.
لم تحدد بومان حجم أو نوع الاستثمارات التي تقترحها، لكن تصريحاتها تُظهر التوجه الأكثر انفتاحًا الذي يتبناه المنظمون الأميركيون في عهد ترامب تجاه قطاع العملات الرقمية. فقد اتخذ الفيدرالي وهيئات أخرى بالفعل خطوات تسمح للبنوك بالانخراط في الأنشطة المرتبطة بالكريبتو، بعد سنوات من التشدد.
وخلال كلمتها، شددت بومان على ضرورة أن يكون المنظمون أقل تشككًا حيال التقنيات الجديدة، بما في ذلك الأصول الرقمية. واتهمت الهيئات الرقابية بتبني عقلية مفرطة في الحذر، وهو ما قد يضر القطاع المصرفي بتقييد أنشطته. وقالت: علينا أن نقرر إما أن نحتضن التغيير ونساهم في بناء إطار عمل مستدام يوازن بين الأمان والسرعة والكفاءة، أو أن نتماهى مع الجمود ونسمح للتقنيات الجديدة بتجاوز النظام المصرفي التقليدي بالكامل.
أقرت بومان بوجود مخاطر تأتي مع التحولات السريعة، لكنها أصرت على أن المنظمين يجب أن يقروا بالمزايا المحتملة للتكنولوجيا الحديثة إلى جانب التحديات. وأكدت أن المخاطر يمكن تعويضها أو على الأقل إدارتها بشكل أفضل حين نعترف بالفوائد الواسعة للتقنيات الجديدة.
آخر تطورات السوق
وفي السوق، قال أليكس كوبتسيكيفيتش، كبير محللي السوق في FxPro، إن البيتكوين هبط إلى 114,700 دولار، وهو مستوى شوهد قبل أسبوعين، منخفضًا دون خط الاتجاه المتوسط (المتوسط المتحرك 50 يومًا)، محذرًا من احتمالات تصحيح أعمق قد يدفع السعر إلى 100,000 دولار قرب المتوسط المتحرك لـ200 يوم.
وأضاف أن القيمة السوقية للعملات المشفرة تراجعت بنسبة 0.4% لتسجل 3.87 تريليون دولار، وأن السوق يهبط الآن دون مستوى مقاومة سابق، مما يزيد من مخاوف المضاربين من تصحيح كبير قد يدفع القيمة نحو 3.6 تريليون دولار.
انخفض الإيثريوم بنسبة 1.8% ليصل إلى 4,159 دولارًا، أي أكثر من 12% دون ذروته الأخيرة، إذ يعيد اختبار مستوى الدعم عند 4,100 دولار الذي حدّ من مكاسبه منذ مارس.
وتراجعت عملة XRP بنسبة 4.1% لتسجل 2.89 دولار، بينما خسر الدوجكوين 2.4% ليهبط إلى 21 سنتًا. أما كاردانو (ADA) فتصدرت الخسائر بهبوط 6.6% بين العملات الكبرى.
وساد المزاج السلبي سوق الكريبتو سريعًا بعد سلسلة من القمم التاريخية، مع عودة المخاوف الاقتصادية الكلية. فقد جاءت بيانات التضخم الأميركية أعلى من المتوقع، مما قلص رهانات خفض الفائدة السريع، ودفع المتداولين إلى جني الأرباح خصوصًا في المراكز قصيرة الأجل.
تأثير التضخم والاهتمام المؤسسي
قال جويل كروجر (NYSE:KR)، استراتيجي الأسواق في LMAX Group، إن البيتكوين ما زال في وضع التصحيح الطفيف منذ تسجيله قمة تاريخية الأسبوع الماضي، مشيرًا إلى أن التراجع تغذيه بيانات التضخم الأميركية الأقوى من المتوقع، والتي أضعفت رهانات خفض الفائدة على المدى القريب.
وأضاف أن الإيثريوم يحاكي حركة البيتكوين مع عمليات تصفية المراكز الممولة بالرافعة المالية، إلا أن تدفقات الاستثمارات المؤسسية فيه ما زالت قوية، وهو ما يمنح بعض المتداولين الثقة بأن التراجع مؤقت. وأوضح: اهتمام المؤسسات لا يزال صامدًا، مدفوعًا بتدفقات الصناديق المتداولة في البورصة وتزايد مخصصات الخزائن نحو الإيثريوم، مما يبقي النظرة المتوسطة الأجل إيجابية.
المخاطر تتصاعد مع تراكم الرافعة المالية
وعلى الرغم من تقلب الأسواق الفورية، فإن التدفقات المؤسسية ما زالت تدعم الثقة، إذ واصل صنّاع الصناديق ومديرو الأصول زيادة استثماراتهم الكبيرة، ما يعكس قناعة راسخة بالقطاع.
لكن تراكم الرافعة المالية في أسواق المشتقات زاد من مخاطر تحركات حادة في الاتجاهين. وقال رايان لي، كبير المحللين في Bitget، إن المستويات القياسية للروافع المالية المفتوحة في أسواق العقود الآجلة تُظهر إلى أي حد تراكمت المديونيات في الكريبتو.
وأضاف أن الرافعة المالية سيف ذو حدين: يمكنها تسريع المكاسب إذا استمر الزخم، لكنها أيضًا تضاعف التقلبات، مما يجعل كلًا من البيتكوين والإيثريوم عرضة لتحركات أشد عند أي تغير في المعنويات.
ومع اقتراب ندوة جاكسون هول، يترقب المستثمرون كلمة رئيس الفيدرالي، التي قد تحدد ملامح السياسة النقدية للمرحلة المقبلة، بما ينعكس ليس فقط على الأسهم والفوركس، بل أيضًا على العملات الرقمية.